حقوق وحريات ومجتمع مدني

قوات الأمن اليمنية تعتدي على صحافي فرنسي

 

يمنات – متابعات

بينما كان متوجها نحو السفارة الأمريكية في صنعاء لتغطية تظاهرة، تعرض صحافي فرنسي مستقل إلى اعتداء عنيف من قبل قوات الأمن. ويتحدث في ما يلي بنجامان فياساك، الذي يتعاون بانتظام مع فرانس 24 من العاصمة اليمنية، على حادثة تعنيفه التي تم تصويرها من قبل مصور فيديو هاو.


كالعديد من مدن العالم العربي – الاسلامي ، أصبحت صنعاء في الأيام الأخيرة مسرح احتجاجات معادية للولايات المتحدة الأمريكية ومنددة بالفيديو المنشور تحت عنوان "براءة المسلمين"، وهو فيلم معاد للإسلام من إنتاج أمريكي. وقد قُتل أربعة متظاهرين في مواجهات مع قوات الأمن يوم الخميس الماضي الذي كان يوم توتر كبير حيث هجم أشخاص على مبنى السفارة الأمريكية وتمكنوا من تخريب الحيطان والنوافذ.

وقد كان يومها بنجامان فياساك في المكان، فهو صحافي مستقل ورئيس تحرير الموقع الإعلامي باللغة الفرنسية "صوت اليمن". كان يحمل كاميرا حين انقض عليه أفراد من قوات الأمن المركزية. بعد أربعة أيام علم الصحافي من صديق له أن فيديو هاو للحادثة قد نشر على المواقع الاجتماعية.

"ما حدث لي هو يوميا نصيب العديد من الصحافيين في اليمن"

كنت في بيتي حين سمعت طلقات نار وعلمت سريعا من السفارة الأمريكية أن أشخاصا كانوا يهاجمون مبنى السفارة. حملت الكاميرا وركبت سيارة تاكسي مع زميلتين إحداهما زوجتي.

رأينا دخانا أسود يتصاعد من مبنى السفارة وأناسا يركضون في الشارع. نزلنا من السيارة وبدأنا في السير وإذ بقنبلة مسيلة للدموع تُقذف في اتجاهنا. شرعت في التصوير، كان هناك غاز كثيف وكنا نسمع طلقات نار، ثم سقطت حوالينا قنابل غاز أخرى وبدأ الدخان يحرق عيوننا وحناجرنا. التجأنا حينها إلى داخل محل تجاري حيث كان أحد المتظاهرين يحاول إلقاء قنبلة غاز في اتجاه قوات الأمن.

بعد عدة دقائق كان الجو بدأ يهدأ فخرجت وشرعت في التصوير من جديد لأن قوات الأمن الموجودة في آخر الشارع واصلت رمي القنابل المسيلة للدموع أحيانا مباشرة على الأشخاص الموجودين على بعد أمتار قليلة منها. حينها بدأ أعوان أمن يجرون في اتجاهي.

"صوب أحد أعوان الأمن مسدسه نحو وجهي"

ركضت في الحين نحو محل تجاري لأحتمي داخله لكن الباب كان مغلقا، وقبل أن تتمكن زميلتاي من فتحه لحق بي أعوان الأمن ودفعوني بقوة ثم صوب أحدهم مسدسه نحو وجهي وهو يصرخ لكني لا أذكر ما كان يقول. صرخت بدوري أني صحافي وأخرجت بطاقتي المهنية التي حصلت عليها من وزارة الإعلام اليمنية.

لم يعيروا أي اهتمام للبطاقة وحاولوا أن ينزعوا الكاميرا من يدي وأن يدخلوا إلى المحل. كانت زميلتاي في حالة فزع كبير والأعوان يصرخون أنهم يريدون الكاميرا. تدخلت زوجتي فدفعوها. سقطت الكاميرا على الأرض لكني وُفقت في وضعها في حقيبتي لحمايتها وخرجت من المحل. لحق بي رجال الأمن ومزقوا ثيابي وضربوا الحقيبة بعصيهم. […] حاولت آنذاك زميلتي التقاط صور من المشهد كحجة لكل هذا العنف لكنهم منعوها محاولين نزع آلة التصويرمنها. وقعتُ على الأرض فوق حقيبتي […] ومسكتها بكل قوتي.

في آخر الأمر طلبوا مني أن أسلمهم بطاقة الذاكرة الإلكترونية، رفضت في البداية لكن غضبهم الحاد جعلني أذعن لأني فكرت أن تسليمهم البطاقة سوف يسعف الكاميرا وكان الأمر كذلك إذ تركونا نذهب في حال سبيلنا. التجأنا إلى بيت مجاور حيث أوتنا عائلة بكامل الحفاوة في غرفة داخلية. مكثنا هناك قرابة الساعة قبل أن نركب سيارة تاكسي للعودة إلى بيتي.

"تصوير تصرفات قوات الأمن أُعتبر تعديا للخط الأحمر"

حين فكرت في ما جرى تساءلت هل أن تصوير المتظاهرين لا غير هو ما سبب لي كل هذه المشاكل. من الواضح أن تصويري لتصرفات قوات الأمن هو الذي أُعتبر تعديا للخط الأحمر. تأكدت بدوري من خلال ما رأيت أن تصرفاتهم لم تتغير بعد الثورة. فمهنة الصحافة في اليمن أمر معقد جدا خاصة لمّا يريد الصحافي كشف عيوب السلطات […]. لكن وفي كل الأحوال يتعرض الصحافي اليمني الجنسية إلى مخاطر أكبر مما يتعرض إليه مراسل أجنبي. يمكن أن يعرض المراسلون الأجانب حياتهم للخطر لكن وسائل الإعلام الكبرى تهتم بأمرهم، بينما يمثل ما جرى لي النصيب اليومي بالنسبة للصحافيين اليمنيين.

لما علم زميلي اليمني محمد الأسعدي بخبر تعنيفي وهو الذي تم إيقافه في سنة 2006 على إثر التظاهرات ضد صور الكاريكاتور المسيئة للرسول محمد قال لي: "هذه طريقة اليمن في الاعتراف رسميا بالصحافيين وأنت الآن صحافي ذو شهادة، فحذاري ! ".
المصدر: فرانس 24

زر الذهاب إلى الأعلى